responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 80
" بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً «[1]» " وَالْكِنَايَةُ فِي" جاءَتْهُمْ" تَرْجِعُ إِلَى الْأَكَابِرِ الَّذِينَ جَرَى ذِكْرُهُمْ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: لَوْ كَانَتِ النُّبُوَّةُ حَقًّا لَكُنْتُ أَوْلَى بِهَا مِنْكَ، لِأَنِّي أَكْبَرُ مِنْكَ سِنًّا، وَأَكْثَرُ منك ما لا. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ لَا نَرْضَى بِهِ وَلَا نَتَّبِعُهُ أَبَدًا، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَنَا وَحْيٌ كَمَا يَأْتِيهِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. وَقِيلَ: لَمْ يَطْلُبُوا النُّبُوَّةَ وَلَكِنْ قَالُوا لَا نُصَدِّقُكَ حَتَّى يَأْتِيَنَا جِبْرِيلُ وَالْمَلَائِكَةُ يُخْبِرُونَنَا بِصِدْقِكَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:" اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ «[2]» " أَيْ بِمَنْ هُوَ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا وَمَوْضِعٌ لَهَا. وَ" حَيْثُ" لَيْسَ ظَرْفًا هُنَا، بَلْ هُوَ اسْمُ نَصْبٍ نَصَبَ الْمَفْعُولَ بِهِ عَلَى الِاتِّسَاعِ، أَيِ اللَّهُ أَعْلَمُ أَهْلَ الرِّسَالَةِ. وَكَانَ الْأَصْلُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَوَاضِعِ رِسَالَتِهِ، ثُمَّ حُذِفَ الْحَرْفُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ" أَعْلَمُ" فِي" حَيْثُ" وَيَكُونَ ظَرْفًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَكُونُ عَلَى ذَلِكَ اللَّهُ أَعْلَمُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ الْبَارِي تَعَالَى، وَإِنَّمَا مَوْضِعُهَا نَصْبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ دَلَّ عَلَيْهِ" أَعْلَمُ". وَهِيَ اسْمٌ كَمَا ذَكَرْنَا. وَالصَّغَارُ: الضَّيْمُ وَالذُّلُّ وَالْهَوَانُ، وَكَذَلِكَ الصُّغْرُ (بِالضَّمِّ). وَالْمَصْدَرُ الصَّغَرُ (بِالتَّحْرِيكِ). وَأَصْلُهُ مِنَ الصِّغَرِ دُونَ الْكِبَرِ، فَكَأَنَّ الذُّلَّ يُصَغِّرُ إِلَى الْمَرْءِ نَفْسَهُ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنَ الصَّغَرِ وَهُوَ الرِّضَا بِالذُّلِّ، يُقَالُ مِنْهُ: صَغَرَ يَصْغُرُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَصَغِرَ بِالْكَسْرِ يَصْغَرُ بِالْفَتْحِ لُغَتَانِ، صَغَرًا وَصَغَارًا، وَاسْمُ الْفَاعِلِ صَاغِرٌ وَصَغِيرٌ. وَالصَّاغِرُ: الرَّاضِي بِالضَّيْمِ. وَالْمَصْغُورَاءُ الصِّغَارُ. وَأَرْضٌ مُصَغَّرَةٌ: نَبْتُهَا [3] لَمْ يَطُلْ، عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ." عِنْدَ اللَّهِ" أَيْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَحُذِفَ. وَقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أَيْ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا عِنْدَ اللَّهِ صَغَارٌ. الْفَرَّاءُ: سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ مِنَ اللَّهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ ثَابِتٌ عِنْدَ اللَّهِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا أحسن الأقوال، لأن" عند" في موضعها.

[سورة الأنعام (6): آية 125]
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)

[1] راجع ج 19 ص 88.
[2] قراءة. [ ..... ]
[3] في اللسان: نبتها صغير لم يطل.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست